الإنتاج والأرباح في ظل الكفاءة الإنتاجية والإقتصادية

*****

تتسم بعض الدول المتقدمة مثل المانيا وتركيا، وكذلك بعض الأنشطة الإقتصادية في القطاع الخاص لبعض الدول، بكفاءة إنتاجية(فنية) وإقتصادية عالية، ويتجلى ذلك في وفرة إنتاجها وجودته وتطور قطاعاتها المختلفة، والزيادة المستمرة في متوسط الدخل الفردي ..... وغيرها.

وتقاس الكفاءة بشكل عام عن طريق نسبة المخرجات (output) الى المدخلات (input)، أي نسبة الإنتاج إلى عناصر الإنتاج، أي أن:

المخرجات(output)

الكفاءة = ______________

المدخلات(input)

وترتفع الكفاءة الإنتاجية والإقتصادية لدولة أو مؤسسة ما، كلما زاد إهتمام أي منهما بتطوير مستوى أفرادها خاصة في المستوى التعليمي والتدريبي . وللكفاءة الإنتاجية تعريفين هما:

الأول:

هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الإنتاج أو المخرجات، وبجودة عالية، بإستخدام قدر معين من عناصر الإنتاج أو المدخلات.

الثاني:

هو تحقيق قدر معين من الإنتاج أو المخرجات، وبجودة عالية، بإستخدام أقل قدر ممكن من عناصر الإنتاج أو المدخلات.

كما أن للكفاءة الإقتصادية أيضا تعريفين هما:

الأول:

هو إنتاج كمية من السلع أو الخدمات، التي يتحقق بها أعلى قدر ممكن من الأرباح، بإستخدام قدر معين من التكاليف، وهو ما يسمى تعظيم الأرباح (profits maximization).

الثاني:

هو إنتاج كمية من السلع او الخدمات، التي يتحقق بها قدر معين من الأرباح، بإستخدام أقل قدر ممكن من التكاليف، وهو ما يسمى تدنية التكاليف (Costs minimization).

العلاقة بين حجم المشروع والكفاءة

يهتم بعض المستثمرين من ذوي الرشادة الإقتصادية، بحجم المشروع أو كمية السلع أو الخدمات المنتجة منه، فكلما كان حجم المشروع مناسبا مع كمية عناصر الإنتاج المتاحة، كلما أمكن إستخدام هذه العناصر الإستخدام الأمثل (أفضل إستخدام).

فعندما تقوم إحدى المؤسسات أو أحد المستثمرين بعمل مشروع أو نشاط ما ويبدأ في الإنتاج، فإن السؤال المحوري الذي يطرح نفسه يتمثل في : هل من الأفضل الإستمرار في الإنتاج حتى بلوغ الطاقة القصوى للمشروع أو حالة التشغيل الكامل، أم الأفضل أن يعمل المشروع بأقل من ذلك لتحقيق الهدف من إنشائه ؟.

وللإجابة على هذا السؤال فإن المستثمر يجب عليه أن يراجع في بداية الإنتاج من المشروع ما تم التوصل اليه في دراسة الجدوى دراسة الجدوى ويحدد بدقه هدفه من إنشاء المشروع، وكميات عناصر الإنتاج المتاحه لتحقيق هذه الأهداف وغيرها، وبناءا على ذلك يكون أمامه عدة خيارات سيتم تناولها كالاّتي:

1- إنتاج يحقق الكفاءة الإقتصادية للمشروع

يهدف صاحب المشروع أو المستثمر الى الإنتاج الذي يحقق الكفاءة الإقتصادية للمشروع، ويختار بين الإنتاج الذي يعظم الأرباح، أو الإنتاج الذي تتدنى معه التكاليف، وذلك حسب العوامل التالية:

أ- مقدار رأس المال وعناصر الإنتاج الأخرى المتاحة

: حسب الهدف من إقامته للمشروع، ففي الحالة التي يكون فيها المتاح من هذه العناصر كبير، فإن قرار المستثمر الرشيد والذي يحقق الكفاءة الإقتصادية، يكون هو الإنتاج الذي يعظم الأرباح، وذلك لأنه سيكون لديه الإمكانيات لتحقيق أي ربح ممكن وإن كان قليل، بالإضافة الى تحقيقه عائد اّخر يتمثل في العائد على السعة أي العائد الناتج عن زيادة حجم المشروع.

اما إذا كانت عناصر الإنتاج المتاحة لدى المستثمر محدودة، فإن قدرته على زيادة الإنتاج ومن ثم تحقيق أرباح تكون محدوده، وبالتالي فإن قراره الرشيد والذي يحقق الكفاءة الإقتصادية، هو الإستمرار في إنتاج السلعة أو الخدمة إلى الحد الذي تصل فيه تكاليف الوحدة المنتجة (متوسط التكاليف) إلى أقل حد ممكن.

مثال تطبيقي

نفترض أن مستثمر ما بدأ في مشروعه، كما بالرسم البياني التالي، بإنتاج 500 وحده من إحدى السلع بتكاليف للوحدة (التكاليف المتوسطة) 17 جنيه ويحقق أرباحا قليله تتمثل في الشكل (أ ب ج) المظلل باللون البرتقالي.

ثم لاحظ هذا المستثمر أنه يستطيع زيادة إنتاجه إلى 1000 وحده بتكاليف أقل وهي 12 جنيه للوحده كما أنه يحقق أرباحا أعلى من الأرباح السابقة يمثلها الشكل (أ د س)، ولكنه إكتشف بعد ذلك أنه يمكن زيادة إنتاجه الى 1500 وحده من نفس السلعة بتكاليف أقل من سابقتها وهي 10 جنيه للوحده ويحقق أرباح يمثلها الشكل (أ ص ع) ذو اللون البرتقالي.

وحيث أن تكاليف الوحده (10 جنيه) هي أقل تكاليف ممكنة يمكن الوصول اليها وهي تمثل أدنى نقطة على منحنى التكاليف المتوسطة، وينتج المستثمر بواسطة تكاليف الوحده هذه (10 جنيه) 1500 وحده من السلعة وهو الإنتاج المقابل لأدنى نقطة على منحنى التكاليف المتوسطه، إذن يحقق المستثمر بهذه التكاليف وهذا الإنتاج الكفاءة الإقتصادية (راجع تعريف الكفاءة الإقتصاديه الثاني أعلاه).

أما إذا كان هذا المستثمر يرغب في تعظيم أرباحه، فعليه كما في الرسم البياني التالي أيضا، أن يستمر في الإنتاج الى أن يصل الى إنتاج 2500 وحده من السلعة، وهو الإنتاج المقابل لتقاطع منحنى التكاليف الحدية (التكاليف الحدية هي تكلفة الوحده الأخيرة من الإنتاج) مع سعر الوحده من الإنتاج.

وبذلك فإن هذا المستثمر يحقق كل الأرباح الممكنة، والتي يمثلها الشكل (أ ل ع) المظلل باللون البرتقالي، وهو الإنتاج الذي يحقق الكفاءة الإقتصادية أيضا (راجع تعريف الكفاءة الإقتصاديه الأول أعلاه).

الإنتاج المحقق للكفاءة الإقتصادية

ب- حجم المنافسة على السلعة التي ينتجها المشروع:

فإذا كان المستثمر يواجه منافسة قوية في أسعار السلعة أو الخدمة التي يقوم بإنتاجها، فإنه يعمل على تخفيض تكاليف إنتاجها إلى أقل حد ممكن أي تدنية التكاليف ، لذلك فهو يقوم بالتوسع في إنتاجه إلى أن يصل به إلى الحجم الذي تصل معه التكاليف إلى أقل حد ممكن.

أما إذا كانت المنافسة التي يواجهها المستثمر في إنتاج سلعة ما ضعيفة، فإن الهدف في هذه الحالة يتمثل في معظم الأحوال في تحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح أي تعظيم الأرباح ، لذلك يقوم بالتوسع في كمية الإنتاج التي يقوم بإنتاجها في مشروعه إلى أن يصل بها إلى الكميه التي تعظم أرباحه.

2- إنتاج يحقق الكفاءة الإنتاجية للمشروع

تقوم بعض الدول خاصة المتقدمة منها بمحاولة الوصول إلى أعلى كفاءة إنتاجية ممكنة في مؤسساتها أو أنشطتها الإنتاجية، والذي يترتب عليه زيادة كل من كمية وجودة الإنتاج، وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف مثل زيادة قدرتها التنافسية ومن ثم زيادة صادراتها، تحقيق الإكتفاء الذاتي من بعض السلع خاصة الإستراتيجية منها، تقليل نسبة البطالة، ورفع المستوى المعيشي لسكانها.

وتقوم هذه الدول بالإستثمار عن طريق مؤسساتها أو أنشطتها الإنتاجية، واضعين نصب أعينهم تحقيق الكفاءة الإنتاجية، عندما يكون الهدف الأول من إقامتها هو تحقيق أكبر إنتاج ممكن، عن طريق الإستخدام الأمثل لعناصر الإنتاج المتاحة لديها، وذلك لتحقيق الأهداف سابقة الذكر، أو بعضها على أقل تقدير.

المراجع:

* دومنيك سلفاتور(دكتور)- نظرية إقتصاديات الوحدة – مكتبة الأهرام - الإسكندرية.

* محمود عبدالهادي شافعي (دكتور)– محاضرات في الإقتصاد الرياضي لطلبة الدكتوراة-كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية .

*عبدالوهاب بن سعيد القحطاني (دكتور)-تطوير الكفاءة الإنتاجية في المملكة -

http://www.alriyadh.com/59775

* MAKING PUPLIC INVESTMENT MORE EFFICIENT-https://www.imf.org/external
/np/pp/eng/2015/061115.pdf.

_____________

تم بحمد الله



إقتصاديات